استخدامات الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأزرق

أصبحت كلمة الهيدروجين الأخضر تتردد بشكل موسع بين أروقة الحكومات، وخاصة في الآونة الأخيرة التي تشهد تقلبات كبيرة في سوق الطاقة العالمي، بفضل الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي تشهد جهود الدول تسارع كبير للفوز بوقود المستقبل، وهو ما يطرح تساؤل حول مفهوم الوقود الأخضر والأسباب التي فرضته بديلا للوقود الأحفوري.

علميا من المتعارف على الهيدروجين الأخضر بأنه نوع من الوقود الناتج عن عملية كيميائية يستخدم فيها تيار كهربائي ناتج عن مصادر متجددة لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، وبالتالي تصبح طاقة ناتجة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي والمسبب للاحتباس الحراري.

وتشير الدراسات العلمية إلى أنواع الهيدروجين منها الهيدروجين الأزرق، الناتج عن طريق إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار، ولكن يتم التقاط جزء من انبعاثات الكربون بحيث يتم عزله أو استخدامه مرةً أخرى، وهناك أيضًا الهيدروجين الوردي الذي ينتج في حالة الحصول على الكهرباء المستخدمة في تقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين داخل محطة نووية“.

في حالة الهيدروجين الأخضر، فهو ناتج عن استخدام الطاقة الكهربائية المولدة من الطاقات المتجددة “مثل الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة الهيدرومائية” لتقسيم الماء إلى مكوناته “الهيدروجين والأكسجين”، وفي هذه الحالة تكون عملية إنتاج الهيدروجين خالية من الكربون وأي ملوثات للهواء.

 يبدو أن الهيدروجين الأخضر هو الموضوع الأبرز الآن على ساحة الاقتصاد الأخضر العالمي، حيث أعلنت العديد من الدول حول العالم بما فيها الدول المتقدمة مثل أستراليا وفرنسا، وأيضا الأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل، عن مبادرات للهيدروجين الأخضر. وقد انضمت مصر أيضا لتلك الأسواق، وقالت الحكومة إنها ستعلن قريبا عن مشاريع تتعلق بالهيدروجين الأخضر كجزء من مبادرة وطنية، كما تهدف إلى دمجه في إستراتيجية الطاقة 2035. ومع مثل هذه الطموحات الكبيرة، سنلقي نظرة اليوم على الهيدروجين الأخضر وما يمثله لخطط مصر الحالية.

الهيدروجين كمصدر للطاقة: عند احتراق الهيدروجين بالأكسجين داخل خلية وقود، فإنه ينتج طاقة صفرية الكربون، مما ينتج عنه حرق صديق للبيئة. ويمكن استخلاص الهيدروجين من الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية، أو المياه، أو من مزيج من الاثنين معا. ويعد المصدر الأساسي لإنتاج الهيدروجين في الوقت الحالي هو الغاز الطبيعي. وعلى الصعيد العالمي، ينتج 6% من الغاز الطبيعي العالمي نحو 75%، أو 70 مليون طن من إنتاج الهيدروجين السنوي، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. ويأتي الفحم بعد الغاز الطبيعي، وذلك نظرا لاستخدامه بكثرة في الصين، كما ينتج جزء صغير من استخدام النفط والكهرباء.

لماذا نفضل الهيدروجين بشكل عام؟ يحتوي الهيدروجين على ما يقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة التي يحتويها الوقود الأحفوري، مما يجعله أكثر كفاءة، وفقا لمقالة نشرتها كلية كولومبيا للمناخ. ويمكنك أيضا اعتباره مضاعف للكهرباء – فمع بعض الماء وقليل من الكهرباء، يمكنك توليد المزيد من الكهرباء أو الحرارة. كما أنه متاح على نطاق واسع.

الفرق بين الهيدروجين الأزرق والأخضر

يتم إنشاء الهيدروجين الأزرق من مصادر أحفورية، حيث يتم التقاط انبعاثات الكربون وتخزينها. بينما يُصنع الهيدروجين الأخضر من مصادر غير أحفورية ويفضل من قبل صانعي السياسة وأصدقاء البيئة الذين يحذرون من استمرار الاقتصاد الأحفوري.

في عام 2021، أطلقت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تحذيرات بشأن الحاجة المُلحَّة إلى الانتقال من الاعتماد على استخدام الوقود الأحفوري الملوِّث للهواء مصدرًا للطاقة إلى مصادر طاقة أخرى خالية من الانبعاثات الملوثة للهواء، لدرء آثار أسوأ أزمة مناخية قد يشهدها العالم في عصر ما بعد الصناعة.

ومن الحلول المطروحة لتحقيق هذا الهدف، كان الهيدروجين الأخضر أحد الحلول المحتملة الاستخدام في القطاعات الأكثر استهلاكًا للطاقة، مثل قطاعات الطيران والشحن البحري والصناعات الثقيلة، وحتى في تدفئة المنازل.

والهيدروجين هو أخف العناصر وأكثرها وفرةً في الكون، بالإضافة إلى كونه مصدرًا لطاقة نظيفة يمكن أن تكون بديلًا للوقود الأحفوري الذي يعتمد عليه العالم في توفير قرابة 80% من إمدادات الطاقة في العالم، ويُعد المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة المسبِّبة للاحتباس الحراري.

ورغم ندرة وجود الهيدروجين منفردًا على الأرض، إلا أنه يمكن إنتاجه باستخدام الطاقة النظيفة لتقسيم جزيئات الماء، ويعتقد مؤيدو استخدام الهيدروجين في الطاقة أنه يمكن أن يساعد في تحقيق الأهداف المناخية التى تهدف إلى تصفير الانبعاثات؛ لأن الهيدروجين ينبعث منه الماء فقط عند الاحتراق، ويمكن إنتاجه دون إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون.

استثمارات “مليارية” أجنبية متوقعة في الهيدروجين الأخضر بمصر

توقعت مصر أن يصل إجمالي الاستثمارات الأجنبية في مشروعات الهيدروجين الأخضر إلى نحو 81.6 مليارات دولار بحلول 2035.

وتستهدف الحكومة المصرية التوسع في مشروعات الهيدروجين الأخضر كجزء من مبادرة وطنية، كما تهدف إلى دمجه في استراتيجية الطاقة 2035، بوصفه أحد أنواع الوقود الخالي من الكربون، في إطار خطط التحول إلى الحياد الكربوني، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة.

وتخطط مصر للوصول بمساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة إلى 42% من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول 2035.

وقسمت بيانات صادرة عن مجلس الوزراء المصري، مشروعات الهيدروجين الأخضر إلى 3 مراحل حتى عام 2035 (تشمل المرحلة التجريبية حتى عام 2026، والمرحلة الأولى حتى عام 2030، بالإضافة إلى المرحلة الثانية حتى عام 2035).

وأوضحت البيانات أن المستثمرين المحتملين هم مجموعة فورتسكو الأسترالية العملاقة، وشركة سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، وشركة ميرسك العالمية، وشركة توتال إنريجيز الفرنسية، إيما باور، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” الإماراتية، وشركة ديمي البلجيكية.

وأشارت البيانات إلى أن إجمالي الاستثمارات المتوقعة في مشروعات المرحلة التجريبية الممتدة حتى عام 2026 يصل إلى نحو 6.3 مليارات دولار.

فيما ستصل الاستثمارات المتوقعة من مشروعات المرحلة الأولى والممتدة حتى العام 2030 نحو 41.5 مليار دولار، على أن تصل هذه الاستثمارات إلى 81.6 مليارات دولار خلال العام 2035.

ويشارك صندوق مصر السيادي والشركة المصرية لنقل الكهرباء، بالإضافة إلى مساهمة محتملة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس بنسب تتراوح بين 20-25% من حجم استثمارات هذا القطاع بما يتراوح بين 2.1 – 2.6 مليارات دولار.

 كانت مصر قد وقعت خلال الفترة الماضية عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع شركات وتحالفات عالمية لبدء إنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ أبرزها:

– توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين.

– توقيع اتفاقية التطوير المشترك لمشروع إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميغاواط، في المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

– توقيع اتفاقية الشروط الرئيسة لعقد شراء الهيدروجين، بين كل من: “صندوق مصر السيادي”، وشركات سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، وأوراسكوم للإنشاء، وفيرتيغلوب.

– توقيع مذكرة تفاهم بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة ميرسك العالمية؛ لإقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن والوصول للحياد الكربوني.