الذكاء الاصطناعي والحوسبه الكميه
الحوسبة الكمية هي التقنية المستقبلية في عالم الكومبيوتر او الحاسوب وهي ثورة قادمة للحوسبة والرقمنة، ويمكن تبسيط مفهوم الحوسبة الكمية بالمقارنة بين استخدام السيارة واستخدام الطائرة،وكل منهما يقوم على مبادىء فيزيائية مختلفة تماماً،وذلك يجعل الطائرة متفوقة في وظيفة النقل والتنقل وتمكننا من القيام بمهام يستحيل على السيارة فعلها،فمثلاً اذا واجهك وادي سحيق او تضاريس صعبة لن يكون لديك مشكلة اذا كنت تستخدم طائرة بينما ستكون مهمتك شبة مستحيلة بإستخدام السيارة،فالسيارة في هذا المثال تمثل الحاسب التقليدي والطائرة تمثل الحاسب الكمي.
يقوم الحاسب الكمي بعمليات ولا يستطيع الحاسب التقليدي القيام بها هو موضوع المركبات الكيميائية وتعتبر عملية «محاكاة المركبات الكيميائية» من اصعب العمليات لدرجة ان اسرع حاسوب موجود لدى كبريات شركات الحواسيب اليوم يستطيع محاكاة مركب كيميائي واحد فقط مكون من خمس الى اربع ذرات وذلك لكون محاكاة هذه المركبات قائم على فيزياء الكم.
واما عن الذكاء الاصطناعي فهو مصطلح مركب وببساطة يمكن ان نقول عنه انه كيف نصنع جهاز او برمجية رقمية تشبه وتحاكي ذكاء البشر،ويمكن القول كذلك بأنه من المعروف ان ذكاء الإنسان بيولوجيا موجود داخل «المخ» بمعنى ان كل عمليات الذكاء لدى الانسان تنتج من «المخ»،فالذكاء الاصطناعي هي محاولة محاكاة هذا المخ بجميع وظائفه،فالمخ هناك جزء داخله مسؤول عن الابصار وآخر عن السمع او العواطف وجزء عن التوافق الحركي،والتوافق الحركي مثلاً في الذكاء الاصطناعي يمكن تقسيمه لقسم الروبوتات والابصار يمكن تمثيلها بالذكاء الاصطناعي ب face ID،وقسم مسؤول عن الكلام اللفظي مثل تطبيق siri او المترجم الآلي,وبوجه آخر يمكن القول ان الذكاء الاصطناعي هو محاولة محاكاة وظائف مخ الإنسان المتعددة.
الذكاء الاصطناعي سيكون متدرج في تداخله مع حياة البشر فلن يأتي روبوت بيوم وليلة يأخذ مكان الانسان ومهامه في الحياة وسيكون الذكاء الاصطناعي معززاً للأنشطة البشرية بشكل عام وليس بديل عنهم،ويعتبر من اهم تحديات الذكاء الاصطناعي هو ادخال الذكاء العاطفي والاجتماعي على تقنيات الذكاء العاطفي،وقد اعلن ايلون ماسك مؤخراً عن شركة نيورو لنك التي ستنتج شريحة تزرع في مخ الإنسان لزيادة ذكاءه،ولكنها لن تصنع له ذكاء من جديد او من الصفر فتأثير الأجهزة الذكية علينا كبشر هو امتداد لذكائنا.
دخلت ألمانيا في غمار سباق عالمي محموم نحو تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي من باب الحواسب الكمومية. مشروع “كوانتوم فالي ساكسونيا السفلى” سيجعل من هذه الولاية مركزا رائدا لتطوير الحوسبة الكمية بألمانيا تستقطب 400 باحث متخصص.
أصبح امتلاك ناصية تكنولوجيا الكمبيوتر الكمومي واحدا من أهم رهانات المستقبل التي تخوض من أجله القوى العالمية سباقا محموما تسخر له كل الإمكانيات العلمية والمالية. وتتمتع هذه التكنولوجيا بقدرة فائقة تتخطى بأشواط قدرات أفضل أجهزة الكمبيوتر الحالية، بفضل توظيف الخصائص الفيزيائية المذهلة للجسيمات الفائقة الصغر. فبدلاً من وحدة تخزين المعلومات “بِت” التي تقوم عليها الحوسبة التقليدية التي تعمل وفق قيمتين 0 و1، يستخدم العالم الكمومي وحدة “كيوبيتس” التي تتيح قيم متعددة في الوقت نفسه، مما يمكّن نظريا من القيام بعمليات حسابية متوازية تفوق كل ما عرفه الانسان إلى اليوم.
غير أن هذه التكنولوجيا لا تزال في مرحلة تجريبية ويُتوقع أن تتمكن في المستقبل من حل مشكلات حسابية معقدة تعجز عنها الكمبيوترات الحالية تنطبق على مجالات متعددة منها احتساب المسارات وفك الشفرات الأكثر تعقيدا إضافة إلى مجالات تطبيق لا تعد ولا تحصى كتطوير الأدوية على سبيل المثال لا الحصر.
وسبق للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل (التي أنجزت رسالة دكتوراه في كيمياء الكم) أن دشنت في شهر مايو / أيار 2021 أول كمبيوتر كمومي بنته في ألمانيا شركة “آي.بي.أم” الأمريكية، في وقت دخل فيه العالم في سباق ضد الزمن لاكتساب زمام هذه التكنولوجيا الواعدة. الجهاز من طراز “كيو سيستم وان” تم بناؤه بالقرب من مدينة شتوتغارت بالتعاون مع معهد الأبحاث الألماني “فراونهوفر” ودخل الخدمة منذ بداية أبريل / نيسان الماضي، ويعتبر أول جهاز من نوعه للشركة الأمريكية خارج الولايات المتحدة. وموازاة مع ذلك تسعى ولاية ساكسونيا السفلى لتكون منصة رائدة لتطوير هذه التكنولوجيا في ألمانيا في إطار مشروع “كوانتوم فالي ساكسونيا السفلى” الذي يستقطب ما لا يقل عن 400 باحث.
ظهر أول حاسوب (ميكانيكي) عام 1941 قبل أن يتم بعدها تطوير عدد من الاختراعات التي غيرت وجه الحوسبة وجعلت من الكمبيوترات الأجهزة التي نعرفها اليوم من حيث الفعالية والصغر والخفة بالمقارنة مع النماذج الأولى. ورغم التطور الهائل الذي عرفته تكنولوجيات الحوسبة إلى أنها لا تزال تواجه معضلات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، خوف متواصل من قرصنة واختراق سرية البيانات. الكومبيوتر الكمومي يتجاوز المنطق الثنائي الذي تتراوحه “كيوبتس في التواجد في حالتي “0” و “1” في نفس الوقت بل وأيضا في الحالات بينهما. وهذا يعني أنه يلزم عدد أقل بكثير من “الكيبوتس” لإجراء العمليات الحسابية، وهو ما تعجز عنه أجهزة الحوسبة التقليدية. ميزة أخرى تتمتع بها التكنولوجيا الكمومية هي أن هذه العمليات تتم بسرعة قريبة من سرعة الضوء.
غير أن توليد “البتات” الكمومية لا يزال يطرح عددا من المعضلات فهي تستخدم عناصر فائقة التوصيل، من أيونات أو ذرات “محاصرة” أو فوتونات وعمليات أخرى مشابهة. ويتم تحفيز الأيونات بإشعاع الميكروويف، ما يمكن من وضعها في حالات متعددة، يمكن بعد ذلك تحميلها بمعلومات مختلفة. غير أن الجسيمات تتحرك. ولكي تكون قادرة على العمل لابد من “تجميدها”، وذلك بتبريد شديد قريب من درجة الصفر المطلق (-273.15 درجة مائوية) باستخدام تقنيات معقدة مثل المجالات المغناطيسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكيوبتات غير مستقرة وتتفاعل مع أدنى تحفيز خارجي، مثل الاهتزازات والمجالات المغناطيسية والكهربائية وعوامل أخرى.
من الكمبيوتر الكمومي إلى الكمبيوتر العصبي
بدأت رقائق الكمبيوتر التقليدية تقريبًا في استنفاد قدراتها القصوى لأن أداء أشباه الموصلات بدأ يصل إلى حدوده المادية القصوى. ولأنه لا يمكن تقليص حجم الرقائق إلى ما لا نهاية من أجل زيادة أدائها في أقل مساحة ممكنة، يتم تطوير أجهزة الكمبيوتر الكمومية وأجهزة الكمبيوتر العصبية كبدائل تكنولوجية في المستقبل. وكما تم شرحه أعلاه، فإن الكمبيوتر الكلاسيكي يعمل بهندسة ثنائية الوضع الثنائي 0 و1 (بمعنى: تدفق التيار أو عدم تدفقه). هذا محدد في وحدة “بت”. وتتكون البنية المادية في جهاز الكمبيوتر من مكونات إلكترونية، مثل المكثفات أو الترانزستورات في الرقائق الدقيقة. الخاصية الأولية والأساسية لوحدة “بت” هي أن قيمتها محددة بشكل دقيق ولا تتغير عند قياسها، ومن ناحية أخرى، لا تتغير قيمة “بت” على الفور بمجرد تغير قيمة “بت” آخر، ولا يحدث ذلك في الكمبيوتر الكلاسيكي إلا بعد فترة زمنية معينة في نطاق أجزاء الألف في الثانية الواحدة.
وتزامنا مع الاهتمام بأجهزة الكمبيوتر الكمومية، ظهرت مقاربة تكنولوجية جديدة وتتعلق بأجهزة كمبيوتر لا تعتمد نسق الذكاء الصناعي وإنما تحاكي الدماغ البشري وتسمى بالحوسبة العصبية. وتتمتع بامتياز الاستهلاك المنخفض للغاية للطاقة وسرعة الحوسبة والقدرة العالية على تخزين المعلومات في مضاهاة لعمل الدماغ البشري.
الذكاء الاصطناعي ـ أداة الهيمنة في عالم الغد
رصد مشروع أمريكي طموح استثمارات قدرها 170 مليار دولار لأغراض البحث العلمي والتطوير في مجال التكنولوجيا الدقيقة، كالذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات. وتخوض الصين حربا اقتصادية وتكنولوجيا مع القوى الغربية والولايات المتحدة بالتحديد انفجرت على شكل معارك تجارية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وتشكل واحدة من القضايا النادرة التي تبناها الرئيس الديمقراطي جو بايدن بعد سلفه الجمهوري. وهي تحظى بإجماع واسع في الكونغرس لبعدها الاستراتيجي.
وبات واضحا أن من سيفوز في السباق نحو تكنولوجيات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي سيكون اقتصاد العالم الأول. وينص المشروع الأمريكي على تخصيص مبلغ 52 مليار دولار على مدى خمس سنوات لتشجيع الشركات على تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات في الولايات المتحدة. وتعتقد واشنطن أن المنافس الصيني يستثمر ما لا يقل عن 150 مليار دولار لتطوير تقنيات المستقبل.