ما هي شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص SPAC
تمثل SPAC اختصارًا لمصطلح”Special Purpos Acquisition Company أو بالعربية شركات استحواذ لأغراض خاصة، وهي أداة مالية إستثنائية توجد منذ عدة سنوات، وازدهرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
لا تحمل تلك الشركات طبيعة تجارية أو صناعية أو خدمية، بل أُسست لتحقيق غرض خاص، وهو العثور على شركة خاصة قائمة بالفعل والاندماج معها من خلال شرائها، وبالتالي تعد هذه الشركات كيانات مخصصة فقط للاستحواذ على الشركات. وتشتهر هذه الشركات أيضًا باسم “شركات الشيك على بياض” أو”blank check company”، وذلك لأن مستثمريها لا يعلمون إلى من ستؤول الشركة.
تمول هذه الشركات، في حساب Trust fund، من جانب المستثمرين، ولا يحق للمؤسسين التصرف في هذه الأموال، إلا في حالتين: إذا تم عقد صفقة ناجحة، وأصبحت SAPC جزءا من شركة خاصة، أو إذا فشلت في عقد أي صفقات استحواذ خلال المدة المتفق عليها، والتي تكون غالبًا عامين، يلتزم المؤسسون بإعادة التمويل لأصحابه.
يحق للمستثمر أن يصوت على الصفقة المراد عقدها، وله أن يرفض ويطالب باستعادة حصته، إذا اختلف على الشروط، ولكن في هذه الحالة، سيحصل عليها بسعر الاكتتاب وليس بالسعر السوقي.
وتهدف شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة إلى تسهيل عملية إدراج الشركات الخاصة المستهدفة في البورصة، دون المرور بإجراءات الاكتتابات العامة، التي تستغرق فترات زمنية أطول، بالإضافة إلى صرامة شروطها.
يوجد هذا النوع من الشركات منذ ثمانينات القرن الماضي، ولكنه ازدهر مؤخراً بشكل كبير، إذ بلغ حجم الطروحات الأولية لهذه الشركات في الولايات المتحدة حوالي ٨٢ مليار دولار في عام ٢٠٢٠، ويأتي هذا الازدهار كنتيجة لتزايد القيود على المستثمرين في السوق الأمريكي، وبالتالي اهتمام المستثمرين بالشركات ذات فرص النمو المتزايدة.
انضمت العديد من الأسماء الكبرى لمجال شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة، على سبيل المثال: بيل أكمان، رجل الأعمال والمؤسس والمدير التنفيذي لشركة “بيرشينج سكوير كابيتال” Pershing Square Capital للاستثمارات، وكيفن هارتز، المستثمر في “سيليكون فالي” Silicon Valley، وبول رايان، المستثمر والرئيس السابق لمجلس النواب الأمريكي.
تواجه هذه الشركات انتقادًا يتعلق بمدى فعاليتها، إذ أن عائداتها متدنية مقارنة بما تحققه الطروحات العامة التقليدية، كما أظهرت أبحاث نجاح ٨٩ شركة فقط من بين ٢٢٣ شركة في الاستحواذ على شركات خاصة وطرحها للاكتتاب، بالإضافة إلى الخسائر التي يتكبدها المساهمون بحوالي ١٨.٨٪ في المتوسط ، وفقًا لتقارير ماركيت ووتش.
تعد شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص، شركات لها هدف معين، وهو جمع تمويل عبر الطرح في البورصة، مع وعد للمكتتبين بها بأنها ستستخدم عائدات الطرح في الاندماج أو الاستحواذ مستقبلا على شركة أخرى غير مدرجة.
يتعين على المستثمرين الراغبين في إنشاء الشركات ذات غرض الاستحواذ الحصول على رخصة شركات رأس المال المغامر أولا، ثم تعيين مجلس إدارة بعد ذلك برئيس يتوافق مع معايير اختيار مديري شركات الاستثمار لهيئة الرقابة المالية.
تضع الضوابط حدًا أدنى لرأس المال الأولي قدره ١٠ ملايين جنيه للشركة ذات غرض الاستحواذ، وتمنح الشركات مهلة مدتها شهر من وقت التسجيل لدى الهيئة لتنفيذ الطرح وإصدار الأسهم وبدء جمع رأس المال، ويجب على شركة الاستحواذ جمع رأس مال لا يقل عن ١٠٠ مليون جنيه من أجل إجراء عملية الاستحواذ أو الاندماج، ويشترط أن تمثل قيمة الشركة المستحوذ عليها نسبة ٨٠٪ على الأقل من حجم حصيلة الأموال المتاحة لدى شركة الاستحواذ.
تستثنى الشركات ذات غرض الاستحواذ، من بعض الإجراءات المفروضة على قيد الشركات، من بينها متطلبات تقديم بيانات مالية وإثبات الربحية، بموجب التعديلات الجديدة على قواعد قيد وشطب الأوراق المالية.
يجب ألا تقل نسبة المستثمرين المؤسسين عن ٢٥٪ والرعاة عن ٥٪، ويجب أن يساهم الرعاة بما لا يقل عن ١٠ ملايين جنيه في رأس المال عند إنشاء الشركة، ويجب عليهم أيضا الاحتفاظ بأسهمهم لمدة عامين أو حتى تقوم الشركة ذات غرض الاستحواذ بتنفيذ عملية الاستحواذ، أيهما يأتي أولا، كما يشترط أيضًا ألا تقل نسبة المساهمين الأفراد عن ٥٠٪ من رأس مال الشركة.
تأتي الضوابط تلك بعد أسابيع قليلة من موافقة هيئة الرقابة المالية على تأسيس وترخيص الشركات ذات غرض الاستحواذ في السوق المصرية، وهو المقترح الذي تقدم به رئيس البورصة المصرية محمد عمران.
جاء المقترح مدفوعًا بالاهتمام المتزايد بتلك الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بعد خطوة اندماج شركة سويفل للنقل الجماعي الذكي مع الشركة ذات غرض الاستحواذ كوينز جامبيت جروث كابيتال والطرح في بورصة ناسداك، إلى جانب خطط شركة أنغامي في طرح أسهمها في بورصة ناسداك.
قال أغاروال، الذي عمل سابقاً في كل من “برايس ووترهاوس كوبرز” و”جنرال إلكتريك”، في مقابلة من نيروبي: “نظراً للاهتمام المتزايد بأفريقيا، نريد منح المؤسسين طريقاً إلى السوق. تُسرّع شركة الشيك على بياض الأمور لمؤسسينا وهي بشكل عام مساهمة جيدة للنظام البيئي”.
لم يُقدّم أغاروال مزيداً من التفاصيل حول خطة إدراج شركة الشيك على بياض، وسبق للثنائي الاستثمار في أكثر من 50 شركة ناشئة، وكذلك في صندوق رأس المال الاستثماري “أكيويتي فينتشيرز” في المرحلة المُبكّرة، والذي كان له حصص في كل من “فلاتر ويف” (Flutterwave) و”باي ستاك” (Paystack) قبل أن تصبحا شركات “يونيكورن”.
طلب متزايد
شهدت أفريقيا في العام الماضي أكثر من 500 صفقة استثمار في المراحل المبكرة، معظمها بتقييم أقل من 5 ملايين دولار لكل منها، مما مهّد الطريق لقفزة في الطلب على رأس المال الجديد، وفقاً لمزوّد الأبحاث “برايتر بريدجز”. جمعت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الأفريقية مبلغاً قياسياً قدره 5 مليارات دولار من التمويل العام الماضي مع سيطرة المستثمرين المقيمين في الولايات المتحدة عليها.
مع ذلك، تستهدف ما يقل عن 1% من نحو 600 شركة على بياض، مدرجة في نيويورك باحثة عن صفقات، أفريقيا على وجه الخصوص، على حد قول مزوّد البيانات “سباك ريسيرش”. وجمعت “إف آي إم بارتنرز” ، مديرة أصول الأسواق الناشئة المدعومة من قبل البنك الاستثماري المصري “المجموعة المالية هيرميس”، نحو 200 مليون دولار في يوليو لشركة شيك على بياض تستهدف الشركات الرقمية في الأسواق عالية النمو بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
شركات شيك على بياض تُركّز على أفريقيا:
- في شهر مارس، جمعت شركة الأسهم الخاصة “تاوربروك كابيتال بارتنرز” (TowerBrook Capital Partners) نحو 200 مليون دولار من خلال اكتتاب عام أولي لصالح شركة شيك على بياض للاستثمار في شركة أفريقية تروّج لمبادئ الامتثال لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
- تريد شركة “بي إتش بي فينتشيرز أكويزيشين” (PHP Ventures Acquisition)، المملوكة لصانع الصفقات ماركوس نغوه ويقع مقرها في ماليزيا، شراء شركة استهلاكية في أفريقيا.
- أطلق روب هيرسوف، حفيد رجل أعمال التعدين الجنوب أفريقي الذي أسّس “أنغلو فال” ، شركة شيك على بياض تُركّز على صفقة ذهب في أفريقيا.
كان أكبر نجاح حققه أغاروال وكولاسينغام هو استثمارهما في المصرف النيجيري “كودا بنك”، التابع لـ”كودا تكنولوجيز” (Kuda Technologies)، الذي جمع حتى الآن 55 مليون دولار، وقُدّرت قيمته بنحو 500 مليون دولار. دعم الثنائي المصرف بمبلغ 600 ألف دولار وخرجا بمكاسب بلغت 14.5 ضعفاً في 20 شهراً.
قال أغاروال: “عندما نعقد صفقات، نحن لا نتأثر فقط بقدرتنا على الدخول بالسعر المناسب ولكن بقدرتنا على الخروج. وندرك ذلك جيداً ولا يكون الخروج سهلاً دائماً”.
لدى الدول الأفريقية شعوب شابة تتمتّع بالمعرفة التقنية، ولكن تفتقر القارة غالباً إلى البنية التحتية المالية وخدمات البضائع وتسليمها حتى آخر ميل. يحاول العديد من المستثمرين، بما في ذلك أغاروال وكولاسينغام، سد هذه الفجوة. يخطط الثنائي للاستثمار في حوالي 20 شركة ناشئة هذا العام، بعد الانتهاء من 33 صفقة العام الماضي، ويأمل المستثمران في أن تقوم خمس إلى ست من شركات المحفظة الحالية بإغلاق جولات تمويلية من الفئة (أ).
قال كولاسينغام: “لستَ بحاجة إلى تطبيق لتمشية الكلاب في نيروبي.. يتعلّق الأمر بنقل الأموال من نقطة إلى أخرى، أو كيفية إيصال الدواء للأشخاص الذين يحتاجون إليه عندما يكون التنقّل صعباً للغاية”.
المحارب القديم
في هذا المجال الناشئ؛ تأتي شركة “باور أب أكويزيشن” (PowerUp Acquisition Corp) التابعة لـ”جاك تريتون”، وهي شركة استحواذ ذات أغراض خاصة تسعى إلى جمع 225 مليون دولار.
شركة أخرى يقودها إيان ليفينغستون تسمى “هيرو ميتافيرس أكويزيشنز” (Hiro Metaverse Acquisitions)، وقد جمعت فعلاً نحو 156 مليون دولار.
تعرف شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بشركات “الشيك على بياض”، لأنَّها تجمع أموالاً من المستثمرين عبر آلية الطرح الأولي للاكتتاب العام بغرض شراء شركة خاصة لم يتم تحديدها بعد. وتعلن هذه الشركات خبرات فريق الإدارة بها بهدف إقناع الناس بالاستثمار فيها.
مثال ذلك أنَّ جاك تريتون هو الرئيس التنفيذي لشركة “سوني كمبيوتر إنترتينمنت أميركا” (Sony Computer Entertainment America) بخبرة 35 عاماً في صناعة الألعاب، بحسب نشرة الاكتتاب الخاصة بشركته. ويضم فريقه بروس هاك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “فيفندي غايمز” (Vivendi Games)، ونائب رئيس شركة “أكتيفيجن بليزارد” (Activision Blizzard)، وقد ورد باعتباره مشرفاً على إطلاق لعبة “وورلد أوف وركرافت” (World of Warcraft)، وهي إحدى الألعاب الأيقونية في هذا القطاع. وقد تضم أهداف الفريق شركات ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى “شركات جديدة لألعاب الفيديو على الميتافيرس”.
لم تنجح جهود الاتصال بشركة “باور أب”، ومقرها في نيويورك للحصول على تعقيب؛ ولم يكن رقم الهاتف المدرج في نشرة الطرح الخاصة بها في الخدمة. ولم ترد شركة المحاماة الموجودة في نشرة الاكتتاب، شركة “ماكدرموت ويل آند إمري” (McDermott Will & Emery) على اتصال هاتفي. أما ماتيو بول؛ منظر الـ”ميتافيرس” الذي ورد اسمه في نشرة الاكتتاب باعتباره الرئيس المسؤول عن الاستراتيجية، فقد قال الجمعة، إنَّه لم يعد جزءاً من فريق شركة “باور أب”.
أسس ليفينغستون شركة “إيدوس” (Eidos Plc) البريطانية التي ابتكرت لعبة “توم ريدر”، وكان رئيساً غير تنفيذي لشركة “سومو غروب” (Sumo Group) قبل بيعها مقابل أكثر من مليار دولار إلى شركة “تينسنت هولدينغز” (Tencent Holdings).
تعتزم شركة “هيرو” التركيز على الـ”ميتافيرس”، والرياضة الإلكترونية، والبث التفاعلي، و”شبكات التواصل الاجتماعي لجيل زد”، بحسب مستندات الطرح، مع توقُّعات بأن تكون الألعاب، والـ”ميتافيرس” “جزءاً كبيراً من الاقتصاد الجديد في ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين”.
قال جوليان كليموشكو الذي يدير صندوقاً يركز على شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في شركة “أكسيليريت فايننشال تكنولوجيز” (Accelerate Financial Technologies): “ربما خرجت هذه الشركات بفكرة منذ أشهر قليلة، كما أنَّ السوق كما هو واضح تتغير بسرعة كبيرة. ولذلك؛ فهي ليست مجبرة على الالتزام بالمهمة الأولى، وفي أغلب الأوقات لا تلتزم”.
ضربت موجات التقلب قطاع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بعد تلاشي الهوس بها في العام الماضي، وهبط مؤشر “آي بي أو إكس سباك” (IPOX SPAC Index) بنسبة 42% منذ أن بلغ مستوى قياسياً مرتفعاً في فبراير الماضي، كما فقد مؤشر “دي-سباك” (De-SPAC Index,) الذي يتتبّع حركة 25 شركة “شيك على بياض” سابقة قامت بالاستحواذ على شركة ما، نحو ثلثي قيمته.
بالنسبة إلى بعضهم؛ تعد هذه الخسائر إشارة إلى أنَّ السوق تجاوزت حد التشبع، وقد ركزت على تكنولوجيا لم تثبت أقدامها على تقييمات مرتفعة.
ما زالت حالة التشكك عالية مع ارتفاع أسعار الفائدة، ومازالت الربحية بعيدة المنال بالنسبة إلى كثير من الشركات البادئة في المستقبل المباشر، بحسب تصريحات إد مويا، محلل أول السوق لدى شركة “واندا كورب” (Oanda Corp).
مع ذلك؛ تميل شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة إلى التداول على أساس “مضاعف التمني” بدلاً من “مضاعف الربحية” الذي قد يوفر قوة دافعة للنسل الجديد.
قال مويا: “بعد انفجار العام الماضي لفقاعة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة؛ يبحث كثير من المتعاملين بحذر عن شركات يمكن أن تراهن على النمو الهائل الذي سيتواكب مع الجيل الثالث من الإنترنت (ويب 3)، والـ(ميتافيرس)”.